Monday, March 23, 2009

تداول السلطة الشعرية

سأكون أول شخص في التاريخ يحق له أن يقول "كنت شاعرا للبلاط" هكذا كتب الشاعر آندرو موشن شاعر البلاط الملكي وأمير شعراء بريطانيا. ومع أن هذا ليس صحيحا تماما، فقد حق لشاعر من قبل هو جون درايدن (الذي تم طرده من منصبه كشاعر للبلاط الملكي) أن يقول نفس العبارة، إلا أن آندرو موشن ـ وبعيدا عن هذا الاستثناء ـ سيكون بالفعل أول شاعر سابق للبلاط البريطاني، فقد كان المنصب حتى عشر سنوات مضت منصبا يستمر مدى الحياة، وحدث أن أتت الانتخابات بتوني بلير رئيسا لوزراء بريطانيا، فرأى أن يغير هذا الوضع ويجعل للمنصب مدة محددة بعشر سنوات فقط.

سيكون آندرو موشن إذن أول من يحق له في التاريخ أن يقول عن نفسه إنه كان شاعرا للبلاط. فهل تنبع البهجة التي أستشعرها خلف كلماته من دخوله "التاريخ" بوصفه "أول" المتقاعدين، أم أنها تنبع من خروجه من "البلاط" و"المنصب" وعودته من جديد إلى صفوف الجماهير يؤدي دورها كأي مواطن عادي؟
لعلنا قادرون على تلمس إجابة ما في فقرة أخرى من مقال موشن الطويل والعذب المنشور في الجارديان بتاريخ الحادي والعشرين من مارس الجاري (وهو بالمناسبة اليوم العالمي للشعر)، يقول موشن:
"قابلت بالترحاب فكرة أن تدوم ولايتي عشر سنوات فقط؛ ذلك أن محدودية الفترة شجعتني على الشعور بأنني ينبغي أن أكون أكثر نشاطا. كما سمحت لي أيضا بالشعور بأنني سوف أسترد في نهاية المطاف حياتي".
كان ثمة إذن بهجة منذ البداية، بهجة بالعمل وبالارتياح من العمل. بهجة إنسان متزن لم يفرح بما قالته له ملكة بريطانيا ورئيس وزرائها عندما التقي بكليهما ـ كل على حدة ـ في مستهل ولايته، فكرر كل منهما الآخر قائلا للشاعر "لن تكون مضطرا إلى عمل أي شيء". يصف موشن الملكة ورئيس الوزراء عند قولهما هذا بأنهما "كانا مبتسمين" ويضيف "لقد جعلاني أشعر أنني سوف أوضع في البرج إن أنا لم أقم بعمل أي شيء فعلا. وما حدث هو أنني لم ألق تشجيعا كثيرا على أن أشغل نفسي. وفي حين فسر أسلافي المنصب بوصفه تكريما، شعرت أنا أنه بمثابة دعوة إلى القتال".
ومضت السنوات العشر، فخدم الرجل الشعر كثيرا، ومثَّله في كل محفل يمكن أن يمثله فيه، ولم يكتب في المناسبات الملكية على مدار عشر سنوات إلا ثماني قصائد، بمعدل أربعة أخماس قصيدة في العام. وآن له أن يخرج، مفسحا المجال أمام صوت آخر، ومذاق آخر، مستجيبا لا لقانون غيره رئيس وزراء ـ هو نفسه خرج من الحكم ـ بل لقانون الطبيعة البسيط، ولروح الشعر الذي لا يعيش إلى على جثة الجمود والتكلس.
ولا نزال مع أخبار الشعر، ولكن على صعيد آخر جدا، ومن ناحية أخرى بصورة مفزعة، حيث فاز الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي بجائزة الشعر التي يمنحها مؤتمر سنوي هو رئيسه بحكم منصبه كمقرر أبدي للجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة.
افتتاحية ملحق قراءات بتاريخ 22 مارس 2009