Saturday, April 13, 2019

المؤثرون في مصر


المؤثرون في مصر
في العدد الحالي من أخبار الأدب تحقيق عن قطاع العلاقات الثقافية الخارجية "كيف يدار في وزارة الثقافة؟". ومناسبة التحقيق أن القطاع بعث خطابا إلى إدارات مختلفة في الوزارة يطلب فيها ترشيح أسماء شخصيات أثرت في التاريخ المصري بهدف "إعداد بوستر" يجري توزيعه على الفرق الفنية المصرية التي تشارك في فعاليات دولية فضلا عن توزيعه على السفارات بهدف الترويج لمصر. وضربت الرسالة أمثلة لهذه الشخصيات فكان من بينها الراقصة بمبة كشر والقارئ الأسطوري للقرآن الشيخ محمد رفعت ومؤلفة أول كتاب مصري في الطبخ أبلة نظيرة.



المشاركون في التحقيق من أمثال صلاح فضل ويوسف القعيد وغيرهما استهجنوا القائمة أو اعتبروها غير صالحة لتمثيل مصر في الخارج، ولم يقر القائمة أو يبد رأيا إيجابيا ـ ولو محدودا ـ إلا اثنان: د. خيري دومة والسينمائي يسري نصر الله.
لا تخلو آراء بعض المعترضين من وجاهة. منها ما انطلق من فكرة "البوستر" نفسها، ذاهبا إلى أن الشخصيات التي ضربت بها رسالة قطاع الثقافة الخارجية المثل غير معروفة في الداخل المصري ناهيكم عن الخارج، والبوستر بطبيعته يحتاج وجوها أيقونية لا تحتاج التعريف بها. وبعض المعارضين رأى أن القائمة الواردة في الرسالة تصلح للداخل المصري نفسه، وهذا أيضا صحيح، إذ أزعم أن كثيرين لا يعرفون شيئا يذكر عن أغلب الأسماء الواردة في الرسالة، وهو جهل معيب.
لكن أغلب الاعتراض انصب على عدم جدارة تلك الشخصيات في مقابل شخصيات أخرى مثل نجيب محفوظ (على راسنا) أو أحمد زويل (لا أعرف أين يتمثل تأثيره في التاريخ المصري فعلا؟) أو محمد صلاح (وهو في هذه اللحظة مؤثر قطعا، أي أنه مؤثر في الحاضر، أما التاريخ فمسألة بحاجة إلى بعض الوقت).
قائمة القطاع ببساطة، بديعة. وتنم عن فهم للثقافة والتاريخ والتأثير يتجاوز فيما هو واضح فهم جيل صلاح فضل ويوسف القعيد لماهية الثقافة والتاريخ ومصر نفسها.
كل شخص في هذه القائمة بحاجة (منفردا) إلى اهتمام وتأريخ وتعريف، في حدود دوره وحضوره في حياة المصريين. ربما لا يستحق أكثرهم مثل مكانة طه حسين أو سيد درويش، ولكن كل واحد فيهم جدير بالحصول على مكانته المستحقة، ونصيبه من امتنان المصريين.
التحقيق أعدته الصحفية عائشة المراغي، وأرجو صادقا، أن تجدد قائمة مصادرها ـ هي وكل الصحفيين الثقافيين في مصر ـ تجديدا جذريا. صحيح أن آراء المثقفين بعامة لا تسهم بدور في رسم سياسات الدولة أو حتى سياسات وزارة الثقافة، لكن هذه الآراء قد تسهم في نشر وعي محافظ جامد يحسن أن يبقى حبيس عقول أصحابه، يعيشون به، ويموت معهم.