Saturday, April 08, 2017

كلمتان في سيميك

فطيرة الكريز
تشارلز سيميك


لو كان صحيحا أن الشيطان
يغمس إصبعه في كل فطيرة،
فلا بد أنه ينتظر الليل
أن يحل،
والعتمة أن تتكاثف
في الفناء،
فلا نراه وهو يلعق إصبعه
الذي غمسه في فطيرتك،
فطيرتك التي أخرجتها من الفرن يا حبيبتي
ووضعتها لتبرد
جنب الشباك المفتوح.

***

للوهلة الأولى تحدثك نفسك بعدما تنتهي من قراءة هذه القصيدة أن تشارلز سيميك الذي تحبه بدأ يستهبل. فما هذا الهراء؟ ثم إنك ستعاود القصيدة وتقول لنفسك: آاه. القصيدة قائمة على افتراض. افتراض بأن الشيطان يغمس إصبعه في كل فطيرة. وتبتسم ابتسامة من فهم شيئا عميقا، ثم تكتشف أنك لم تفهم شيئا عميقا، باستثناء أن الشاعر الذي تحبه بدأ يستهبل. ثم تكتب عن ذلك. ويخطر لك أن وضع الشيطان إصبعه في كل فطيرة أمر جلل. نحن نتكلم عن كيان أزلي، ونشاط أزلي، مرتبطين معا منذ فجر تاريخ الإنسان، منذ أول وأقدم وأعرق فطيرة عرفتها الإنسانية، ولكن الشاعر لا يلتفت من كل تاريخ الإنسانية المهيب هذا إلا إلى فطيرة حبيبته، فطيرة الكريز. وتبتسم، ثمة أمر عميق يوشك أن يظهر، ثم إنه لا يظهر. الأمر أن الشاعر يستهبل. وتفكر، وتستدعي في ذهنك كيكة الشوكولاتة، في سخونة الشوكولاتة، أو مربى الكريز، في سخونة الفطيرة، في سخونة "يا حبيبتي"، في أي سخونة، في حسية غمس الإصبع في الـ فطيرة، وألا يمكن أن نتصور شيئا آخر ينغمس كالإصبع في شيء آخر يشبه الكريز، الساخن؟ وتكتشف أنك بدأت تكتب القصيدة لأن الشاعر لم يكتبها، لأنه كان يستهبل.

ثم إنك تتساءل عن "يستهبل": لماذا لم تقل يتهابل؟ هذا لأنك تكتبها بالعامية. ثم تقول لنفسك: وماذا لو أنها فصيحة؟ ولكنك غير واثق مما يذهب إليه ظنك وحدود معرفتك بلغتك، ومع ذلك تقول لنفسك إن يتهابل (أو يتباله بقى على الأرجح) معناها أن الشاعر يتصنع البله، أما يستهبل (أو يستبله بقى على الأرجح) فمعناها أنه يفترض فينا البله. وتبتسم لأنك وصلت إلى شيء عميق: ثمة افتراضان في هذه القصيدة. الأول افتراض من الشاعر بأن الشيطان يغمس إصبعه في كل فطيرة، والثاني افتراض من الشاعر بأننا بلهاء نكره أنفسنا على رؤية الجمال في أي نص لشاعر نحبه. وهذه المرة لا تتبدد ابتسامتك.

نشرت القصيدة الأصلية في ذي ثري بيني رفيو، ربيع 2017