في
عام 2008، نشرت ديواني "وقصائد أخرى" وفيه قصيدة مهداة بطريقة غريبة إلى
صديقي الشاعر "محمود الصواف". كل ما في ذلك الكتاب من إهداءات موضعه
الهامش، ومن هنا الغرابة، ولكن القصائد نفسها بلا عناوين فربما هذا ما ألجأني إلى ذلك الحل.
محمود
الصواف كتب شعرا جميلا، واعدا بشعر أجمل، وكان دائم الكلام عن مسرح يحلم بتنفيذه وهو خريج معهد المسرح، المتذوق الحقيقي لذلك الفن.
طوال الفترة منذ أواخر
التسعينيات وحتى خروجي من مصر سنة 2005. ،كنت أطلع على شعر الصواف ومسرحياته التي أخرجها لبيت الثقافة في شبين القناطر. ومنذ 2005، لا أحسب أني التقيت
بالصواف الذي عرفت بالأمس أنه توفي منذ أكثر من عام.
وأنا
الآن بحاجة إلى عنوان جديد لقصيدة قديمة. لكنني منذ أمس أبحث عنه ولا أجده.
***
هو(1) اختار مقهى، كأنما كان يختار زوجةً تناسب أمًّا مريضة. وجلس يواجهه مقعدٌ شاغرٌ
أدركَ منذ رآه أنه المقعد الذي هو له. ومستريحًا على مقعدٍ كان ينبغي أن يظل
للفراغِ، يكلِّم نفسه عن قصيدتين: إحداهما سوف يكتبها والأخرى هو لها
قصيدة عن الزيت: زوجته (ولنقل روحه) في قاع بئر
شفيف.
*
تصدَّعتْ
أمام عينيه مرآةٌ كان ينبغي أن يراها وهو على فراش الموت.
*
حين
دخل المدينة والناسُ فيها نيامٌ (أو لم يولدوا بعد)، دار دورتين أو ثلاثًا حول
تمثالٍ سينحته شاعرٌ يظل يكره الفراشات عمرَه كلَّه ثم ينادي منادٍ أن انحت فراشة.
*
قضى
العمر مطرقًا، ثم نبت أمامه العشبُ، بل تحت رجليه، على باب بيتٍ عتبته من حجر، إن
في ذلك البيت ـ هكذا قال ـ إنسانةً ينبغي حين تخرج يومًا ألا تراني.
*
كان
بالقرب منه دائمًا مركبٌ سوف يشيدون على غراره القبور من بعد، مركبٌ يعمل بالضبط
عملَ القبور، ليهرب حينما يبلغ أذنيه وقعُ خطى تدنو من الباب، لكنه الآن يطرب إذ
يسمع الأرض تنشق في آخر القارة إذ تظهر عشبةٌ، ومن تحت رجليه ينمو بلا أي
صوتٍ كثيرٌ من العشب.
*
كان
بوسعه لو فرد ذراعيه أن يرى ظل طائر.
عاش
لا يعرف.
عاش أثقل
إلا قليلا من طائر في قصيدة.
(1) ضمير الغائب يعود دائما إلى الشاعر الصديق "محمود الصواف".