Monday, October 19, 2015

تعريف الترجمة عند أحمد شافعي

بين خدمة الكتابة والاسترزاق وخطف الأطفال
تعريف الترجمة عند أحمد شافعي

قطعنا شوطا في ملف "قضايا الترجمة". في الأعداد السابقة قدمنا ما يشبه النظرة العامة علي أبرز المشاكل، عبر تحقيقات موسعة مع القائمين علي الجهات الرسمية المختصة في مصر، عرضنا أبرز المعوقات التي كان أهمها العشوائية وغياب التنسيق التي تجعل المؤسسات كالجزر المنعزلة. ونستكمل في هذا العدد وفي الأعداد القادمة حواراتنا مع المترجمين أحد الأضلاع الأساسية في عملية الترجمة، من أجل قراءة أكثر دقة، وأيضا كمحاولة للبحث عن حلول.

نائل الطوخى

يؤمن الشاعر أحمد شافعي بالترجمة. وكل من يعرفه يلاحظ هذا بسهولة، أي أنه لا يترجم فقط لكسب المال أو فقط لملء فراغ في المكتبة العربية، وإنما أيضاً لأنه يحب الترجمة، يحب الإنجليزية التي يترجم عنها، والنصوص التي يترجمها، ودائم البحث عن المفردات المقابلة بين اللغتين. غالباً ما ينظر الوسط الثقافي، في مصر كما في خارجها، للترجمة بوصفها مجرد مهنة، وللكتابة الأدبية بوصفها ساحة الشغف والتحقق الكتابيين، ولكن شافعي يقوم بالاثنين، الكتابة الأدبية والترجمة، بأشكال مختلفة من الشغف. ترجم مئات المقالات والقصائد، كما ترجم كتباً لأليس مونرو، تشارلز سيميك، بيلي كولينز، وكانت آخر أعماله المترجمة كتاب "الباب الأزرق" للكاتب الجنوب أفريقي أندريه برينك، و"كلنا نولد مصابين بالغثيان" للشاعر الأمريكي راسل إدسون.
في البداية، يحكي لـ"أخبار الأدب"، كانت الترجمة بالنسبة له المهنة التي تصلح للـ"تخديم" المباشر علي الكتابة، وبالإضافة لماهية المهنة نفسها، فالمسار الذي اختاره فيها كان أيضاً يخدم الكتابة، والقصيدة بالأخص. أول كتب ترجمها كانت مختارات من الشعر الأفروأمريكي. وعندما حاول الاسترزاق من وراء الترجمة بدأ يترجم للصحافة الثقافية، ومنها أخبار الأدب، ثم لدي سفره لسلطنة عمان رأس تحرير ملحق "قراءات" بوصفه مترجماً، وكان هو المترجم والمحرر الوحيد فيه.
ولكن ليس كل ما يترجمه شافعي "يخدم" الكتابة. يحدث بين وقت والآخر، كما يقول، أن يترجم كتاباً في الاقتصاد مثلاً، لإحساسه أنه من المهم أن يقرأ الآن: "هذا دوري كمترجم أو كمثقف، أترجم الآن أجزاء من كتاب "نضالي" للكاتب النرويجي كارل أوف ناوسجراد. الكتاب حقق مبيعات ساحقة في جميع اللغات التي ترجم إليها، وهو كتاب سيَري في قالب روائي وممل جداً، ولكن في النهاية يبقي أن عدم اطلاع القارئ العربي علي هذا الكتاب أمر في منتهي السخف. أحياناً أيضاً أترجم قصة لهاروكي موراكامي رغم أني غير معجب به كقارئ ولكن لابد أن نري، و(لابد أن نري) شعار يحركني أحياناً كمترجم، هذا دور تعريفي. وفي أحيان أخري يكون هدف الترجمة (أكل العيش). عندما أعمل في موقع أضطر لترجمة أخبار أري أنها غير مهمة، ولكن يبقي أنني علي مدار الفترة التي عملت فيها كمترجم كنت أختار ما أترجمه بقدر جيد من الحرية، وبقدر من العملية أيضاً يجعلني أراعي اعتبارات الجهات التي أنشر بها".
أول ثلاثة كتب ترجمها من الشعر الأمريكي كانت عبارة عن مختارات من شعراء أفروأمريكيين، ولم تكن تحتوي علي قصائد نثر إلا بالمصادفة، قصائد ترجمها وهو لا يعرف جنسها وقتها، وفي عام 2001 قرر البحث علي الإنترنت عن مصطلح "قصيدة النثر" بالإنجليزية فاكتشف عالماً كاملاً لم يكن متاحاً بالعربية، رغم أننا، كما يقول، بدأنا نتعرف علي هذا العالم منذ الخمسينيات:
"طول الوقت كنت أتبجح بأني شاعر نثر، رغم أن أي شاعر نثر من خارج العربية لو سمع هذا وقتها كان سيري أنني لا أفهم المصطلح. جنس قصيدة النثر له تقاليد مختلفة تماماً عما كنت أكتبه، كنت وقتها أصدرت ديوان شعر بعنوان (طريق جانبي ينتهي بنافورة)، واعتبرته شعر نثر إلي أن فهمت أن قصائد هذا الديوان مختلفة عن شعر النثر، وبدأت أترجم بتركيز أكبر في هذا الموضوع".
في مرحلة مبكرة أيضاً، أعدّ شافعي ملفاً في "أخبار الأدب" عن أحد شعراء النثر الأمريكيين، وتوقع وقتها، كما يقول، أن يقوم العالم العربي ولا يقعد تأثراً بهذا الملف، ولكنه اكتشف أن أحداً لم يقرأه، ثم بدأ في جلسات المقاهي يروج لجهل العرب بجنس قصيدة النثر، فكان يثير الغضب: "وهذا طبيعي. فقد كان الشعراء المصريون يتعرضون للسباب منذ 15 عاماً علي الأقل بوصفهم يكتبون قصيدة النثر، ثم يأتي من يقول إن ما كانوا يكتبونه لم يكن كذلك. طيب لماذا يُشتمون إذن؟ مع الوقت بدأت أنضج وأتكلم بهدوء وأقول بهدوء أكبر: علينا قراءة ما يُكتب عن قصيدة النثر. الآن ربما أصبح العرب أكثر وعياً بجنس قصيدة النثر، بسبب تأثير ترجمات عديدة، حدث التأثير ولكن بشكل غير مباشر".
لنتحدث عن عملية الترجمة نفسها، هل هناك معجم خاص بالمترجمين؟
"أنا أميل لإحسان الظن بالمترجمين، والقول بأنه ليس هناك معجم خاص بهم، ولكن قد يوحي بوجود معجم للتراكيب أن اللغة التي نترجم منها لها أعراف مختلفة عن أعراف لغتنا، وبمرور الوقت تنشأ أعراف أخري لترجمة هذه التراكيب، كما في ترجمة الأفلام مثلاً. أبطال الأفلام يشتمون شتائم بذيئة طول الوقت والمترجم لا يستطيع نقل هذا حرفياً لأسباب لها علاقة بالوسط الذي يترجم فيه، فتجد مثلا (يا وغد) أو (اذهب إلي الجحيم)، هذه تراكيب استقرت وهذا ليس عيباً، ولكني أعتقد أن رهان المترجم الجيد هو الهروب قدر الإمكان من الحلول السهلة، المأخوذة (من علي وش القفص). فقط عليه الارتجال وابتكار حلول والحرص علي تجاوز حلوله طول الوقت. بمرور الوقت تراكمت لديّ حلول وتظهر بسهولة شديدة، ولكن يكون عليّ تجاوزها أيضاً لصالح أخري قد تكون أنسب للنص الذي بين يديّ بالتحديد". 
هل اخترعت كلمات عربية من قبل في إطار عملية الترجمة؟
"كنت أترجم قصة لسلمان رشدي عن ابن رشد. وكون ابن رشد جزءاً من القصة جعلني وأنا أترجم لا أقارب لغة سلمان رشدي وإنما ابن رشد. قلت إنه حتي لو لم يكن ما أقوم به ترجمة دقيقة أو أمينة وإنما هي نزوة في النهاية. كانت لديّ صيغة ترجمتها في البداية (الجبال الشواهق والأنهار الدوافق)، ولكني لم أرتح لها فترجمتها (الجبال الشاهقة والأنهار الدافقة). لم يصل الأمر أن أخترع كلمات وإنما يكون الأمر عبارة عن نزوات كتلك. وأصبح عندي تسامح يسمح لي بتقبل نزوات كتلك، بوصفي إنساناً ولست آلة. ولكن في النهاية عندما أترجم نصاً لشخص آخر فلا أحب تحميله مشاكلي أنا الشخصية، يكفي النصوص التي نترجمها أنها تتحمل عبء اختياراتنا اللغوية كمترجمين. يسهّل هذا عليّ أنني أيضاً كاتب، ولدي مساحتي الخاصة للعب والكتابة". 
يقال دوماً إن معيار جودة الترجمة هو عدم شعور القارئ أن النص مترجم، ولكن يقال دوماً أيضاً إن هذا الشرط مستحيل، شافعي من جانبه يعتقد أن أي قارئ حساس للغة لو قرأ نصاً مترجماً سيعرف أنه مترجم: "محمد عناني كان يقول إنه وهو يكتب بالإنجليزي يكتب كأنما بوعي آخر غير الوعي الذي يكتب به بالعربية، ويضبط نفسه يكتب تراكيب بالإنجليزية لن تخرج منه لدي الكتابة بالعربية، لأن الأداة التي يعمل بها هي جزء من المنتج النهائي الصادر".
مستويات اللغة كنز ضخم يملكه أي مترجم، ولكن حرية التنقل بين المستويات المختلفة واختيار المستويات نفسها هي خيارات شخصية لكل مترجم علي حدة. كقارئ جيد للأعمال المترجمة، كما يصف شافعي نفسه، فقد تأثر رغماً عنه بالتراث المترجم في بلاد الشام، وهو تراث ضخم جداً: "ليس لدرجة أن أستخدم كلمة (شرشف) بدلاً من (ملاءة) ولكن قد أستخدم (عليّة) بدلاً من (صندرة)، سأستخدم أيضا (دزينة)  بدلاً من (دستة) لأن (الدزينة) استطاعت إيجاد مكان لنفسها في الفصحي".  كما يعتقد أن المسافة بين الفصحي المصرية والمغاربية أكبر بكثير من المسافة بينها وبين الفصحي الشامية.
لا يلجأ للعامية كثيراً لدي الترجمة، ربما فقط في حالة الشتائم، ولكن كل نص وله ظروفه: "هناك مثال طريف، كلمة (well حلول الترجمة تتراوح بين (حسناً) و(طيب) و(يعني). ربما لن تجد شيئاً خارج هذا، سوي تجاهل الكلمة أصلاً. في أغلب الأحوال أميل لـ(طيب) و(يعني)، لأنني لا أعرف عربياً يقول أو يكتب (حسناً). لماذا أستخدمها إذن إلا لو أردت الالتزام بتقاليد الترجمة للعربية؟"
من فترة مبكرة حاول ألا تكون العامية خياراً، إلا علي مستوي المفردات والتراكيب غير الموجودة في الفصحي مثل "عارف" و"فاهم"، ولا يجد غضاضة في استخدامها، وهذا حرصاً علي أن يخرج نصه من حدود مدينة القاهرة، لأنه يعتقد أن النص ليس ملكه مائة في المائة قدر ما هو ملك الناشر أيضاً، وبالتالي لا يستطيع الانكفاء لدرجة استخدام العامية.
في الكتاب الأول الذي ترجمه "وجه أمريكا الأسود"، كانت هناك نصوص لسونيا سانشير، عندما قرأها لأول وهلة أحس أنها لا تكتب الإنجليزية، كانت لا تكتب من  (could)مثلاً إلا (cd إلي أن تكشفت له مفرداتها في لحظة إلهام، وفكر أن المقابل لهذا أن يترجمها للعامية المصرية، ولكن وقتها نبهه الشاعر رفعت سلام أن هذا ليس التصرف السليم، فصحيح أنها كتبت نصها عبر خروج عن الإنجليزية ولكن ما يزال نصها إنجليزياً صالحاً للقراءة في أستراليا وبريطانيا وأمريكا، إما إذا ترجمها للعامية المصرية فسيحرمها من القراء خارج مصر: "ترجمت النص إذن للفصحي مع عدم الخروج عن اللغة. لم تكن لديّ خيارات أخري"، يقول.
مع الوقت، يقول شافعي، ومع كثرة التعرض للنصوص الغربية يعرف أن هناك نصوصاً غير قابلة للترجمة: "هناك رواية لتشارلز بوكوفسكي اسمها (مكتب البريد)، عندما قرأتها اكتشفت أن خفة الظل فيها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باللغة الإنجليزية. ولديّ فضول شديد لمعرفة كيف تعامل المترجم مع هذا النص. دائماً أقول إن هناك نصوصاً لا تصلح للترجمة. صلاح جاهين يمكن ترجمته مثلاً للإنجليزية بسهولة ولكن فؤاد حداد لا، لأن شعره قائم علي اللغة، لو اكتفيت بترجمة الصور ستكون لديك قصائد جيدة بالإنجليزية ولكن الخسارة التي سيخسرها النص الأصلي أثناء الترجمة ستكون أكبر. حداد لا يلعب باللغة كمجرد حلية، وهذا يصعب الموضوع لأنك ستضطر لدي ترجمته إلي إثقال الترجمة بالهوامش مما يحوله من قصيدة لبيان".
تنقل شافعي بين تجربتين في الترجمة، ترجمة مختارات أعدها لشعراء بعينهم، وترجمة دواوين بأكملها لهم من الصفحة الأولي للأخيرة. بدأ الترجمة بمختارات من الشعر الأفروأمريكي، ثم مختارات للشاعرة ليوسيل كليفتون، وكان ما زال في سن صغيرة. ويذكر مرة وقف فيها في مكتبة السفارة الأمريكية وقال لنفسه إنه يستسهل، وإنه حتي يثبت لنفسه أنه مترجم فعليه ترجمة كتاب من أوله لآخره، ومد يده وأمسك بالمصادفة بأول كتاب شعر وقعت عليه يداه، وكان "فندق الأرق" لتشارلز سيميك، وهكذا تعرف علي سيميك بالصدفة، وترجم كتابه كله. صحيح أنه بعد أن انتهي من ترجمته قرر أنه لن يقوم بهذا ثانية، وإنه ليس هكذا يُترجم الشعر، ولكن فيما بعد ترجم كتاباً كاملاً لسيميك أيضاً وهو "العالم لا ينتهي". يقول: "هذه المرة كنت أحببت الكتاب كله، والكاتب كله".
"كنت أتكلم مؤخراً مع بعض الأصدقاء وأقول لهم إن الاتجاه لترجمة الأعمال الكاملة للشعراء غير مفيد. ربما يكون ضرورياً داخل الجامعة عندما يقوم به شخص في إطار رسالة للدكتوراه مثلاً، ولكن القارئ المحب للشعر يحتاج لمعرفة مجهود مترجم معين مع نصوص معينة. علي الشعراء عندما يترجمون الشعر ألا تتلبسهم روح أكاديمية لا تخصهم، وأن يستمروا في ترجمة النصوص الأقرب لروحهم، النصوص التي كان من الممكن أن يكتبوها بالعربية ولم يكتبوها. عندما أقرأ ترجمة يقوم بها شاعر أحب ألا ينسي كونه شاعراً".
"صحيح أنه كان لابد أن تترجم رواية (عوليس) أو (البحث عن الزمن المفقود) للعربية، ولكن عندما تكون شاعراً فمن المهم أيضاً أن تحقق لي الحالة الجمالية المحضة الخاصة بالنص. أقصد أني لا أحب الارتباط بالمشاريع الكبري في الترجمة، وأفضل أن أختار نصوصاً أقرب لي حتي لو بدت عشوائية، يهمني مثلاً عند رفعت سلام عمله علي ترجمة قصائد يانيس ريتسوس التي كان ينتقيها واحدة واحدة، أكثر من عمله علي الأعمال الكاملة لرامبو التي ترجمها من أولها لآخرها".
متي تختار أن تضع هامشاً ومتي تختار ألا تضع؟
"مررت بمرحلتين في الهوامش. في الأولي كنت أفكر ألا مجال لي للظهور وإرضاء نرجسيتي سوي الهامش، أن أكتب كلمتين وبجانبهم توقيع المترجم. الآن عندما أتأمل في هذه الفكرة أجدها وضيعة جداً: ألا يكون لي مكان سوي الهامش (يضحك). بمرور الوقت اكتشفت حلولي الخاصة بدلاً من الهامش. لنقل إن هناك قارئاً لا يعرف أن النيل نهر. بدلاً من الهامش أترجم كلمة (النيل) بوصفها (نهر النيل). هكذا أساعد القصيدة علي الوصول بشكل أسرع لقارئها. الآن يمكن لأي قارئ لأي كتاب في العالم لو واجه مفردة لا يعرفها أن يعود للإنترنت ولا ينتظر هذه الخدمة من المترجم. في المرحلة الحالية أشعر بحرج كبير من الهامش".
في الشعر مثلما في النثر؟
"الحرج في الشعر أكبر بكثير من الحرج في السرد. في الشعر أحس كما لو أنني أرتكب جريمة. ذات مرة ترجم عبد الغفار مكاوي قصيدة لأونجاريتي من ثلاث كلمات "أتجلي في اللامحدود"، وكتب هامشاً من صفحة كاملة عنها. أعتقد أنني لو ترجمت مختارات لهذا الشاعر ووجدت أنني سأكتب هامشاً بهذا الطول لهذه القصيدة فمن الأفضل أن أتجاهل ترجمتها، وإذا وجدت القارئ الإيطالي قادراً علي قراءتها وفهمها بدون هامشي، إذن سأضع القارئ المصري في نفس الاختبار".
أصبح شافعي يتجنب الهوامش ومقدمات الكتب التي تحوي توجيها للقارئ. في كتاب "وجه أمريكا الأسود"، كما يقول، كتب مقدمة أشبه بالمانيفستو الداعم للحرية والمساواة، كما يصفها، بحيث أن أي قارئ للديوان سيبحث عن الملمح النضالي للقصائد: "أي أنني سأكون وجهت القارئ لطريقة قراءة معينة. الشعراء ليس لهم ذنب أننا نحن من نترجمهم. في النهاية، المترجم يقوم بجريمة. المترجم يأخذ طفلاً من أهله وبيئته وزمنه ليربيه بين أهل وبلد وزمن آخرين. هذه جريمة لابد أن يبررها الجمال".
لو شتم أحدهم تشارلز سيميك، هل ستشعر بالغضب؟ هل ستشعر كأنها موجهة إليك؟
"من أسابيع سرق شخص ما قصيدة ترجمتها، أجرى بعض التعديلات فيها ونشرها باعتبارها قصيدته الخاصة. كانت هذه أول مرة أتعرض لموقف مثل هذا، وسألت نفسي هل عليّ أن أفضح هذا أم أتصرف كأنه لا يعنيني؟ في النهاية نشرت قصيدته المزعومة وترجمتي وقلت إن ثمة حالة سرقة هنا. لم أفعل هذا بمنطق أنني المترجم وإنما بمنطق أنني قارئ".

"شوف، بعض من قرأوا ترجمتي لـ(قصص أليس مونرو) اعتبروها تشيكوف العصر الحديث، والبعض الآخر رأوها مملة للغاية. ليس عندي مشكلة مع هذا إطلاقاً. ولكن إذا شتم أحد تشارلز سيميك فسأدافع بصراحة عنه، بمنطق أنني قارئ له ومعجب به وليس بمنطق أنني مترجمه. كان هناك شخص ترجم سيميك بشكل سييء فانتقدت ذلك. لديّ بصراحة غيرة علي شعر سيميك مثلما لديّ غيرة علي شعر بوكوفسكي أو شيمبورسكا، رغم أني لم أترجمها. يحزنني كثيراً أن (يتبهدل) الشعراء الجيدون في سنواتهم الأخيرة".