يوصف بالنزاهة من يكرم نفسه ويدلعها.فهو نزيه، وهي نزيهة، وشايفين النزاهة، وهكذا.
وكثر الكلام في مصر (سلامات يا مصر) عن نزاهة القضاء والقضاة، وليس أدل على قدم عهدهم بالنزاهة مما يورده الثعالبي في يتيمة الدهر ـ وما يلي منقول عن مقدمة د. ابراهيم الكيلاني لرسالة أبي حيان التوحيدي في الصداقة والصديق
كان في جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المُهلَّبي ويجتمعون عنده في الأسبوع ليلتين على اطِّراح الحشمة والتبسط في القصف والخلاعة وهم ابن قريعة وابن معروف والقاضي التنوخي وغيرهم، وما منهم إلا أبيض اللحية، طويلها، وكذلك كان الوزير المهلبي، فإذا تكامل الأنس، وطاب المجلس، ولذ السماع وأخذ الطرب منهم مأخذه، وهبوا ثوب الوقار للعُقار، وتقلبوا في أعطاف العيش، بين الخفة والطيش، ووُضع في يد كل منهم كأس ذهب من ألف مثقال إلى ما دونها مملوءا شرابا قطربليا (بلاك ليبل) أو عُكبريا (ريد ليبل)، فيغمس لحيته فيه، بل ينقعها حتى تتشرب أكثره ويرش بها بعضهم على بعض، ويرقصون أجمعهم، ... فإذا أصبحوا عادوا لعادتهم في التزمت والتوقر والتحفظ بأبهة القضاء وحشمة المشايخ الكبراء"