نحن الآن في عام سبعة وثمانين أو نحو ذلك. وكانت لنبيل فاروق في عشرات الأعداد الصادرة من السلسلتين حتى ذلك الوقت صورة بالأبيض والأسود. وحدث أن غيرها إلى واحدة ملونة، كرهها عماد، وقال: كأنه ـ أي نبيل فاروق ـ شبع بقى بعد الجوع. وعماد ـ الذي سيصبح بعد سنين ظابطا (صوابها ضابط لكن أنا أميل إلى تسخيف كل ما هو عسكري) في الجيش ـ كان يكره الخير للناس، ولعله كان يشعر أن صعود أي شخص يقلل من فرصته هو في الصعود. لعنة الله على أيام عرفت فيها عماد.
كل هذا له علاقة بصورة نبيل فاروق. كمدخل لصورة أحمد عبدون. من يتابع برامج الفتاوى ـ وأنا أحب برامج الفتاوى ـ فلا بد أنه يعرف أحمد عبدون. هذه دعوة لمشاهدة برامج الفتاوى لتعميق الاحتقار لرجال الدين وتناقضاتهم وضحالة معاركهم، ومن يتابع برامج الفتاوى فسيعرف أن عبدون ـ تدليل عبد ـ هو أيضا شخص لا يقل ضحالة. وسيعرف الجزء الوحيد البراق في شخصيته والذي يظهر من بعيد: وهو أنه يكن احتقارا حقيقيا لأغلب ضيوفه، وهو أنه كاشفهم، وهارش إنها مسالة استرزاق، ولا يشعر تجاههم بأي شيء يشبه التقديس باستثناء ربما ماما عبلة (اللي هي عبلة الكحلاوي، ونفسي أزورك يا نبي).
بس كإعلامي بقى، عبدون ليس لديه أي فرصة للتواجد في هذا البرنامج إلا من خلال تكراره وإعادته لأرقام التليفونات، وسؤال الحلقة. أما في الفقه، وهو علم في النهاية، وعلم واسع مليء بالاختلافات، ويحتاج لعقليات قادرة على استيعابه، فعبدون لا يفقه شيئا. ولا يملك حتى القدرة على طرح سؤال. هو فقط يطلب من المتصلين إغلاق التليفزيون، والاختصار، وينتقل إلى الفاصل الإعلاني، ويعمل بين الحين والآخر على طرح قضايا مطروحة من قبل في أماكن أخرى وثبت أنها مثيرة للجدل. وفي النهاية، أرزاق ومقسمها الخلاق، وفيه ناس بتحب عبدون، ودا بيبان في الاتصالات اللي ممكن تكون مش متفبركة.
لكن، فوجئت مؤخرا بإعلان على دريم. دعوة للفضفضة. هناك رقم تليفون الآن يا عباد الله يمكن لكم من خلاله أن تفضفضوا مع أحمد عبدون. إعلام ملاكي. بفلوسك تشتري المذيع اللامع (وشه في الصورة بيلمع خالص) لحسابك. وبالليل، ومن واحدة لتلاتة، يا نساء العالم الإسلامي. أخيرا سيتحقق حلمكن يا ملايين بالحديث مباشرة مع أحمد عبدون. الإعلان يتكون من جرافيك فقير وساذج. وصورة لعبدون ـ ثاني أكثر المذيعين تفردا بربطات العنق العجيبة بعد جمال الشاعر ـ بوجه مربرب لامع محمر ذي بشرة صحيحة جدا (على الفتيات الراغبات في بشرة مماثلة ألا يفكرن، والنتيجة ستكون مذهلة).
تحية للأستاذ عبدون على الجرأة. الجرأة المشاع الآن بينه حين يعتبر نفسه قادرا على مجرد الإنصات لبشر حقيقيين، وعلاء الأسواني حين يصدق أنه يكتب روايات مع أن غاية القول فيه أنه يكتب في "إطار مسلسلاتي" كما وصفته محاورته في الأوبزرفر البريطانية مؤخرا، وتامر حسني، وعصام كاريكا، وهاني سلامة، وخالد يوسف وأحمد البيه وبلال فضل ويوسف معاطي ومجدي صابر وأحمد شوبير وتامر بسيوني والقائمة تطول ولا تنتهي ويضاف إليها لاحقا