Monday, October 08, 2007

حصة زراعة غيرت مجرى النهر

كان اسمه سعيد عبد الملاك، وكان ذلك مقرفا في الثمانينيات. في ذلك اليوم، كان عندنا خمس حصص فقط، بينما فصل سنة سادسة كان عندهم ست حصص، فذهبت لأحضر مع محمود ابن عمي حصة الزراعة،التي كانت نقطة تحول في حياتي. نقطة تحول في خامسة ابتدائي. جلست في الصف الأخير، سعيدا بأنني مع الكبار، وأخذتني العزة بالإثم فوضعت ساقا على ساق، مبرزا ذلك، فرآني أستاذ عبد الوهاب الأصلع الطيب، وقال لي كده عيب يا أحمد فانكسفت من يومها. كان ذلك مقرفا، أن يكون بجانبي شخص عرفني أن اسمه سعيد عبد الملاك. وأن يهمس في أذني آخر بأنه أكل اليوم من سندوتش سعيد وإن بطنه مقلوبة. في الثانوية العامة، وكان الكمبيوتر قد بدأ يصبح هوجة، ذهبت مع جمال العوضي لشأن كمبيوتري يخصه، إلى الأستاذ شوقي نسيم، وفيما كنا نصعد السلم المعتم نبهني جمال إلى حتمية أن أشرب الشاي إن قدم لنا شايا لكي لا يعرف أننا قرفانين. قلت له إنني لا أستطيع أن أشرب الشاي إلا إذا كان السكر مضبوطا. نصف ملعقة فقط. والله طول عمرك شيك يا أحمد. ولو اني مش عارف ايه الشياكة في نصف الملعقة فقط. بس شكلها شيك. شوقي قدم لنا فاكهة مش شاي. وربما كان متعمدا. اليوم بقى، ذهبت إلى رونالد (ورونالد كاثوليكي يذهب بانتظام إلى الكنيسة وعنده مشاكل مع السكان الذين يأتون بعاهرات صينيات إلى البناية التي يديرها) ولكنه صاحبي، طبعا، لأني أعرف حقوقي جيدا، وواجباتي بصورة أقل جودة. وإجمالا ليس عنده مشاكل معي. لم يكن رونالد موجودا، ووجدت له مساعدا هنديا آخر، دفعت له الإيجار وتناقشنا في منطقية أن تتولى البناية إصلاح وصلة الدش، خاصة (من وجهة نظري) وأنني لن آخذ الوصلة معي إذا تركت الشقة. في النهاية قال لي إن اسمه وليم، ولسبب ما قرفت. مع أني أحب وليم شكسبير، وأذكره بالخير، وليلى أنطون، وأذكرها بالغيظ، وإدوار الخراط وأغبط لغته، ووليم كارلوس وليمز الذي اتشحتفت على ترجمة بشعة لديوان جميل له. ومع أنه (كما في المسلسلات بالظبط) كان جارنا على الشمال مأذونا يرتدي لبس الأزهر المضحك، وعلى الشمال عائلتان مسيحيتان، الأقرب كان عندهم بنت دميمة اسمها نادية النصارى كنا نخاف منها لأنها كانت تشبه بالظبط صورة في كتاب القراءة بتاع تانية ابتدائي لبنت سوداء على فمها ذبابة وتحتها عبارة فتاة قذرة. والعائلة الأخرى لنجار رائع اسمه المعلم كامل رزق الله وزوجته خالتي فايزة. هو فتح الباب كلما نسينا المفتاح بداخله فنجا الرز من على النار. وهي كانت تبيع أحلى لب سوري في العالم. ومع أنه في مواجهة بيتنا كان دكان عم سلامة الترزي وهو مسيحي كان صاحبا لأبي حتى مات، ثم صاحب أبي ابنه لأنه كان لا بد من مكان يتخلص فيه من وشوشنا. عمري ما شعرت أني قضيت طفولتي في محمية مسيحية إلا الآن. الحقيقة في شارع هو أكبر شوار القرية لم يكن هناك مسيحيون آخرون. وم الآخر، مش عارف قرفت ليه من وليم سامحني يا وليم، كان عندي أكثر من سبب للقرف، يمكن تلخيصها في رمضان. أم ماذا؟