أفهم تماما لماذا يقوم دين رافض للوثنية بنصب وثن لإبليس ووضعه لأتباعه ليمارسوا معه طقسا يقتصر على رميه بحصوات صغيرة هي بدورها مجاز للجمرات. البشر بحاجة إلى هذا النوع من التنفيس.
ربما لا يكون الأمر مقتصرا في حالة إبليس ورميه بالجمرات على التنفيس وحسب. ربما هو شيء شبيه بما لدى المسيحيين من إحساس بأنهم مهما فعلوات فقد تحمل يسوع عنهم، هنا أيضا شماعة أخرى منصوبة للبشر. ولكن التنفيس هو كل ما يعنيني هنا. هو كل ما يعنيني. وهنا.
في طفولتي كان هناك بقال شرس أثق أنه لا يزال حيا لأنه لا يمكن أن يموت، كان أمام دكانه ساحة اقتطع منها ساحة وظللها ابن الكلب بتكعيبة عنب بديعة، ووضع زيرا كان ملمسه فقط مبهجا في الصيف الحار، وثمة كان يجلس، كان مقعدا، وذا لحية متناثرة الشعر فاحمة السواد، وكان الذهاب إليه يعني ببساطة التعرض للأذى، ومرة ذهبت إليه وتعرضت لسلاطة لسانه ولم أستطع أن أرد بالطبع. وما أن عدت إلى البيت وأسلمت لأمي ما ذهبت لأشتريه والذي كان بالطبع كيس لسان عصفور لأنني لم أكن أشتري أبدا إلا كيس لسان عصفور. أخذت الدراجة وعدت، واستدرت معطيا ظهري لدكان عم عبد الله حسنين ووضعت قدمي على البدالة وصحت يا عم عبدالله، فالتفت وقال بصوت مهذب، نعم، فقلت له بأعلى صوت، يا عم عبد الله إنت ابن وسخاااااااااااااااه وانطلقت مسرعا، لا أزال أتذكر الهواء الساخن يلفح وجهي.
يصلح تمثال لعبد الله حسنين تماما. لا أريد أكثر من تمثال حرفي لعبد الله حسنين.
أنا الآن فعلا بحاجة ماسة إلى هذا الوثن بشرط ألا يكون مجازا لإبليس الذي لم ألتق به إلا في الأوقات الأكثر سعادة من حياتي. أريده مجازا لإنسان محدد يقهرني بانتظام، وبدون تعمد، وهذا هو المزعج، هذا ما يجعلني راغبا في وثن يمثله، لأنني ببساطة لا أستطيع أن ألقيه بأي نوع من الجمرات. هو محصن مني تماما. ولا أريد أن أخوض في التفاصيل. فقط أريد وثنا في ساحة وجمرات حقيقية ويدين تستطيعان إلقاء الجمرات بحيث لا تحترقان، وبحيث لا يعرف المرموز إليه بالوثن أنه يتلقي جمراتي ولعناتي، بحيث لا يضيره شيء.