صباح اليوم كان ينبغي أن يوجد مدرس ابتدائي اسمه أحمد شافعي، يقف في الفصل على أن يكون أطول وبشارب يشبه شارب عبد الرازق أستاذ الفيزيا في ثانوي، ويأمر تلميذا صغيرا اسمه أحمد شافعي أيضا بالوقوف في مواجهة الحائط رافعا ذراعيه إلى أعلى. ثم يأمر التلميذ الذي كان يجلس بجوار أحمد شافعي واسمه أحمد شافعي أيضا بالخروج من الفصل والذهاب "جري" إلى الحوش لقطع غصن من الشجرة الموجودة جنب العلم والعودة به.
يصبح لدى الأستاذ أحمد شافعي عصا بتلب ينهال بها على أحمد شافعي الأول الواقف في مواجهة الحائط لا يدري ما الذنب الذي اقترفه فيما المدرس يقول له بقى مش عارف يا كلب يا ابن الـ، كان المدرسون يتحرجون من شتم أبي لأنه كان أستاذا لأغلبهم وزميلا لبعضهم فكانوا يهتمون بشتمي مزيدا من الشتائم التي كنت أعرف أن بعضها يخص أبي.
المهم أن أحمد شافعي المضروب لا يعرف لماذا يتعرض للضرب من أحمد شافعي الضارب.
لأنني حلمت الليلة حلما غريبا عجيبا ينم عن نقص فادح في شخصيتي وعقدة وشنيطة فوجئت بها.
حلمت أني في مكتب رئيس هيئة الاستعلامات الذي كنت أعمل معه. رئيس أدار الهيئة لمدة عام واحد. وفي المكتب بدأ يقول يا أحمد أنت أفضل شخص عملت معه، أنت عظيم انت هايل انت مش ممكن، أنا شفت ورقة امتحانك وإجاباتك كانت عبقرية. كان يشير إلى امتحان نفسي خضته ضمن دورة قبل سنتين من مجيئه وتعمدت فيه أن أجيب كأنني شارب نص عرق مع محمد عبد النبي
وإذا بالرئيس يقف ويمد يده، فوقفت ومددت يدي وأنا طاير من الفرحة، لكنه لم يصافحني، فقط أمسك يدي ورفع رأسه إلى أعلى وقال لي لي تعال هناك أحسن، هناك هذا كان تحت النجفة، أمسك يدي وبدأ يقرأ لي الكف:
ستكون ألفة الوجود، ستفعل ما لم يفعله الأقدمون والأحدثون، طبعا لم تكن هذه عباراته بالضبط، إنما هذا هو المعنى، وقال لي بعبارته "ستؤثر دائما فيمن حولك، لقد رأيت لغتك".
أحمد شافعي يستحق الضرب من أحمد شافعي. لأنه في وعيه، وهو صاحر، وقادر على إخفاء مشاعره عن نفسه في المقام الأول، يتصور أنه لا يرى هؤلاء الذين حوله أصلا، يتصور أنه مستغني ومكتفي بذاته، لكن يأتي حلم كهذا فيكشف حقيقة مزعجة بجد.
يا ترى أنا فعلا كمحتاج لاعتراف من الآخرين؟ ولماذا اخترت شخصا كان مسئولا في الدولة؟ لهذه الدرجة أنا تافه؟ معقولة؟
لا أظن أني سأقدر اليوم على عمل أي شيء، ربما فقط سأستمر في عمل نسخ من أحمد شافعي في أعمار مختلفة، وفي غرفة المكتب الخاوية إلا مني هذه، سأستمر في التحقيق معها نسخة نسخة حتى أعرف في أي لحظة بالتحديد تسربت لي هذه المشاعر. وإذا كان من السهل طبعا إعدام إنسان صلصالي ببعض الماء، فإن من الصعب جدا يا جماعة إعدام إنسان صلصالي خيالي، خاصة إذا كان هذا الإنسان هو أنت.