أيقظتني زوجتي في جنح الليل قائلة أحمد إنها تمطر. تصورت للحظة أنها تتابع أحلامي. فقد كانت تمطر هناك. كما كانت تمطر بقوة في العالم. وفي الصباح كان الأسفلت المتحدر أمام بيتي مكسوا برمل ناعم جرفه السيل من الجبل وأكسبه دكنة جميلة. وكانت السماء رمادية، والجو بديعا، رذاذ دام حتى العاشرة والنصف ولا برد، توجست أن بقية اليوم ستحمل لي مفاجآت غير سارة لتحدث موازنة مع هذا الجمال وهذه المتعة. قلت هذا بالفعل ليحيى الناعبي زميلي في المؤسسة عندما بدا سعيدا مثلي بالجو، ومتوجسا أيضا، وضحكنا. بالفعل كان اليوم ممتلئا بالعمل. وفي نهاية اليوم كنت ملهوفا على العودة على المنزل. كان الأربعاء، يليه يوما الإجازة. وكنت جائعا بدرجة رهيبة. منعتني كثرة العمل من الذهاب إلى الكافيتريا، فقط كنت كل ساعتين أنزل للتدخين في الحديقة ـ ملعون أبو اللغة العربية ـ والاستمتاع بالجو. وصلت إلى البيت في الثالثة والنصف وفيما كنت أفرغ جيوبي تبينت أن الموبايل غائب. نزلت من جديد وأخذت تاكسي احتملت سائقه حتى وصلنا إلى المؤسسة وعدت معه بالموبايل. صارت الرابعة والنصف إذن. تغديت ولم يكن من الممكن أن أبدأ في تعويض سهر الأسبوع الماضي بقيلولة طويلة ممتدة لا يحدها المنبه. كنت مدعوا إلى عشاء يبدأ في السابعة في حي من أحياء مسقط هو أقرب ما يكون إلى متاهة جاردن سيتي. في السابعة كنت أنا وزوجتي في تاكسي، نبحث عن مول اسمه "مدينة بلازا" لننحرف بعده يمينا إلى الشارع رقم 1925، وفيه نجد حديقة النخيل وبعدها الشارع رقم 1956، وفيه سنجد المنزل الوردي، وبعده سننحرف يمينا إلى شارع آخر ذي رقم آخر في نهايته لأنه شارع مغلق نجد بيتا على اليسار. هو هذا. وصلنا إلى المنزل الوردي، وبدأنا نبحث عن اليمين من بعده، دون أن نجد ضالتنا. لا يوجد يمين. منازل متلاصقة حتى انتهى الشارع. بدأت أحاول الاتصال بليندا صاحبة الدعوة. مشغولة. مشغولة. مشغولة. والعبارة المحلية المساوية لعبارة هذا الرقم غير موجود بالخدمة. والرسالة الصوتية الحازمة المتهربة من المسئولية: نأسف لعدم إتمام الاتصال نظرا لعطل في شبكات أخرى. مع أن تليفوني وتليفون ليندا يتبعان شبكة واحدة. والسائق يتبرم، فأثور عليه، وأخبره بأنني أدفع له ليذهب بي إلى حيث أريد لا لأعرفه بالأماكن في مدينته، فيصمت قليلا ثم يتبرم من جديد، وليندا مشغولة والساعة تتجاوز السابعة إلى السابعة والربع وأخيرا قلت للسائق عد بي إلى حيث وجدتك في البداية. وفيفيان تهدئني وتطلب مني أن أهدأ قليلا، وأنا دماغي قفلت، ولا بد من العودة. كان كل ما يشغلني هو أن لا أعطي سائق التاكسي ضعف ما اتفقنا عليه. وبالفعل، تحت باب العمارة أعطيته ما اتفقنا عليه مضافا إليه خمسين بالمائة فقط. كنت أحلم بخناقة. لكنه ابتسم في برود. هي إذن برودة الصباح. العقاب الذي تلقيته بلا ذنب. الطبيعة أرادت أن تمنحني مناخا لطيفا. أقسم أنني لم أطلب ذلك، ولم أكن لأتخيله. بالعكس أنا الآن قبل منتصف الليل بخمس دقائق أعاني من حالة رشح واحتقان كافرة. أنا لم أطلب مناخا جميلا. ربما لذلك لم أحصل عليه.