Thursday, October 26, 2006

؟؟؟


لم أكن نمت ولو للحظات حين خرجت لألاقي صديقا اتفقت معه على قضاء أيام العيد الثلاثة على ساحل راس الحد التي تقع على بعد نحو خمس ساعات بسرعة لم تقل إلا قليلا عن 140 كم/س من مسقط. كانت الجبال طوال الوقت من حولنا، تقترب أحيانا حتى توشك أن تمسك بالسيارة المنطلقة، وتنأى كثيرا فتظهر في الأفق شجيرات شوكية أشبه بلوتسات عملاقة كنت قد حلمت قديما بشجر يابس بحجم الورد يملأ الأفق في كل اتجاه، ولكن ما نلته لم يزد عن لوتس مزيف شوكي عملاق متناثر في صحراء رمالها خشنة الحبات طوال الطريق كنت أحاول ترجمة الصور، فيتبين لي مرة بعد أخرى استحالة ذلك. بدا لي في لحظة أن من يعيش في بيئة كهذه ينبغي أن يشعر أن السماء في متناول يده، فليس بينه وبين غيومها إلا جبل من تلك الجبال. كانت المشكلة في من يعيش في بيئة كتلك. ذلك بالضبط ما أعاقني عن ترجمة الصور إلى كلمات تصلح لتوشية قصائد في المستقبل. كنت كمن يتطفل على مكان ليس ملكه، ولم يكن ينقصني إلا أن يخرج لي من يقول كما في الأفلام الأمريكية get the hell out of my property في صور، ولم يكن بيننا وبين راس الحد إلا حوالي ستين كم، تسمرنا على الشط، تركنا السيارة وسحبنا علبتين لنشربهما كان صاحبي على أهبة الاستعداد منذ مسقط لظهور أي بحر: مرتديا شورت وتي شيرت وشبشب. فيما كنت أنا أرتدي ثيابا تناسب انترنت كافيه على أقل لتقدير، سحبت المايوه وبدلت ثيابي في مأوى للصيادين. كان المكان مرسى لهم، ولمراكبهم، وكان ثمة لسان رملي مليء بالطيور ذكرت صاحبي بطيور هيتشكوك، فأبدى إعجابه، وتواطأنا بذلك على البقاء على مسافة آمنة. مع إشارة كل منا بين الحين والآخر إلى متعة الوجود، وحدنا، مع البحر، وطيوره المتثاقلة، ومراكبه أخيرا راس الحد. أخيرا فندق صغير. أخيرا مسئول الاستقبال. في أواخر الستينيات من القرن الماضي، قال هندي لهندية، أنت زي القمر الليلة، فولد بعد تسعة أشهر ولد هندي ظل يكبر ويكبر بإصرار قاتل محترف وظل يتحرك في العالم محدد الهدف غير عازم على تغيير مساره، قطع البحر والصحراء، إلى أن وصل إلى كاونتر الفندق الوحيد في راس الحد ليحقق الهدف من حياته فيقول لي إن جميع الغرف مشغولة كنت قد أكملت بالفعل نحو 24 ساعة بلا نوم. جائع. منهك. زفيري يكفي لتأهيل مريض لإجراء جراحة قلب مفتوح، إذا لم يمت بفعل النيكوتين المصاحب أجبرت صاحبي على أكلة سمك قبل أن نفكر فيما سنفعله. منعته فعلا من التفكير. وبعد السمك والبطاطس ذهبنا إلى الشط. كان ينبغي أن نقابل هناك بعض السلاحف التي تأتي إلى الشط لتضع بيضها. لكن فيما يبدو كانت السلاحف مشغولة في بعض الأمور البحرية الطارئة. بدأنا رحلة العودة، وفيما كنت بين النوم والصحو تذكرت حدثا بسيطا من صباح اليوم في طريق ذهابنا، وفيما نحن نقطع الصحراء، إذا بطائر يعبر الطريق بسرعة خاطفة أمام مقدمة السيارة قلت لصاحبي في وقتها إن الطائر يتعامل كما لو لم يكن الطريق موجودا، كما لو كانت الصحراء لا تزال متصلة غير مقطوعة بأمثالنا من العابرين تذكرت ذلك فقلت لصاحبي ونحن عائدان فاكر الطائر بتاع الصبح فاكره قلت له أنا عرفت دلوقت هو ليه مر قدام العربية بالسرعة دي أتمنى أن تكونوا قضيتم عيدا سعيدا ...... مثلي