Monday, February 25, 2008

كان ينبغي أن أكون نائما الآن

مش فاكر بعد ما بنقول ـ قصدي بنذكر ـ اسم أحمد زكي *، بنتمتم في خشوع قائلين "عليه الصلاة والسلام" واللا "عليه السلام" بس. مش فاكر. أكيد مابنقولش "الله يرحمه" لأنه "عايش بينا بفنه الرائع" كما يمكن أن يقول أي حد غيري ويكون مذيعة مثلا ـ أي مؤنث جمال الشاعر وتامر بسيوني وأحمد عبدون والعياذ بالله. عموما أحمد زكي مات، ولم يبق إلا فنه، ومن هذا الفن فيلم بضان اسمه مستر كاراتيه، في مشهد بضان فيه، مع ممثلة بضان هي نهلة سلامه، بيقول أحمد زكي جملة حوار حلوة: البيت دا غلط، الشارع دا غلط، كل حاجة غلط (أو كما قال). ليه هو قال كده؟ مش فاكر بالزبط، بس أكيد كان زهقان. يعني مش في حالته السوية الطبيعية، يعني هو اللي غلط. والمفروض لأنه غلط بقى انه يتسق مع كل الحاجات الغلط اللي حواليه. لكن بما أنه غلط فقد يكون حكمه غلط، ويكون البيت والشارع وكل حاجة صح مش غلط. وهذا كلام يليق بأن يقوله نائل الطوخي أصلا، مش أنا.
اللي ممكن أقوله أنا، هو إنه كان زهقان، وإنه كان في الوضع الغلط، ومع ذلك حكمه كان صح على كل شيء، لأن فعلا كل شيء غلط وماعرفش ليه. أنا أعرف هذا لأنني أقول اليوم كلما رأيت شيئا إنه غلط، ولا ينبغي أن يكون هكذا، ولا أعرف كيف ينبغي له أن يكون. نعم أنا غاضب اليوم لأنني استيقظت قبل موعدي بكثير جدا، بعد أن لم أنم إلا القليل جدا، وكان عندي وقت كبير قبل الخروج إلى العمل، لكني فطرت واحد في المية من فطاري، وبصعوبة، وبدأت أدخن وأشرب نسكافيهات في نسكافيهات، وأقرأ في مقالة جميلة وصلتني بالأمس، ويأتي من الخارج هواء رائع، ومع ذلك لم يتزحزح الغضب.
إمعانا في شيء لا أعرفه، خرجت من البيت بعد موعدي، ولم أتوجه إلى العغمل فورا حتى أصل في موعدي، وعرجبت ـ بلا شبهة الإصابة بإعاقة مؤقتة ـ إلى مقهى أعرف أنه لا يفتح قبل العاشرة صباحا، كنت أريد أن أشرب قهوة مع بعض المخبوزات اللطيفة التي يقدمها، وأتصور لوهلة أنني أعيش من كتابتي وغير ملتزم بساعات عمل يومية محددة، وأنني موجود في المقهى كعادتي كل يوم.
كان المقهى مغلقا. وصلت المكتب بعد موعدي بساعة ونصف.في هذه الحالات ينبغي أن يحدث شيئان، أفتح غرفة المكتب فإذا بها شيشة جاهزة للتدخين، فهذه وسيلة مضمونة للتخلص من الغضب. وحين فتحت المكتب لم أجد شيشة. فقط مكتب وكمبيوتر وجرائد. أو أفتح باب المكتب فإذا به حمام، فآخذ حمام فاتر يبرد تدريجيا ثم يفتر تدريجيا، مراعيا أن يدخل الماء المندفع عيني وأذني بينما الأشياء تحدث ولكن في مكان آخر من العالم.
* أحمد زكي، ممثل مصري شهير، وراحل، من أعماله، استاكوزا وحسن اللول والعندليب، ومستر كاراتيه. ومن أهم ما يميزه عن كل الممثلين التانيين أنني أشاهد له حتى هذه الأفلام.