Monday, March 24, 2008

د. عبغفار مكاوي

يقول أخي في الله تشارلز سيميك
عاش مع أمه، وبعد موتها عام 1899 عاش مع أحد إخوته، ثم عاش وحده لآخر خمسة وعشرين عاما من حياته. ولكنه برغم ذلك لم يكن يعزل نفسه عن العالم كما يحلو للبعض أن يتصوروا. فقد كان يقضي أمسياته في المقاهي مع الأصدقاء ويستقبل في بيته الضيوف. ويروي الناس عنه أنه كان ثرثارا مسليا
الكلام عن كافافي، ومعروف أنه شاعر عظيم، وأنه مثلي، وكيف لم أنتبه أن الصفة الأخيرة تقتضي منه أن يكون مثلا ثرثارا، أو على الأقل متحدثا لبقا، ومسليا، ليجتذب لمؤخرته أكبر عدد ممكن من الأيور؟ كيف سمحت لنفسي أن أصدق صورة الرجل المختفي خلف الشموع التي كانت تستخدم على الأرجح لأغراض أخرى كالتي ترد في رواية مديحة، وهي رواية قرأها الكثيرون، برغم تقاعس النقاد عن تقديمها، تقول مديحة الراوية/الرواية/ البطلة/القديسة:
وتركته مقيدا وذهبت لأحضر ما رأيت بالفيلم، شمعة العذاب، نظر محمود لي بنظره تساؤل تحولت لنظرة خوف عندما إشتعلت الشمعة، لابدأ بتقطير أول قطرة على إحدي حلماته فصرخ
يقول سيميك عن كفافي في مقال حديث بلندن ريفيو أوف بوكس، تجدون ترجمته إن عشنا على مدونة قراءات بعد أن أنشرها أولا في الصفحة
[وكيف يتصورون أنه كان يعيش عيش الزهاد والنساك في عزلة عن العالمين وهو الذي] لم يسع قط لأن يكون لقصائده ناشر تجاري، فكان بحاجة دائمة إلى حلقته الصغيرة من الأصدقاء الذين لم يكن له من قراء سواهم، والذين كان يرسل إليهم ما يطبع في بيته بين الحين والآخر من كراسات وكتابات
كيف فاتني هذا وأنا اللماح بالفطرة
***
لو أنكم تأملتم قليلا في الفقرة السابقة لوجدتم في مطلعها جملة بين قوسين كهذين []. وقد درج المترجمون على استخدام هذه النوعية من الأقواس ـ أو نوعيات أخرى أقل شهرة ـ لإضافة عبارات وكلمات يرونها شارحة للأصل الذي يخلو منها، ولكن على المترجمين حين يفعلون ذلك (وهذا درس في الترجمة) أن يراعوا ألا يستخدموا هذه الرخصة (الرخصة!! ما شاء الله، لغة تفرح حقيقي) إلا في أضيق الحدود، وأن يتمثلوا (الله الله الله) لغة الكاتب فيما يكتبونه بين القوسين، ولنا في الأستاذ الدكتور عبد الغفار مكاوي (وفضله غير خاف على الشعر العربي) مثال لما ينبغي ألا نفعله عند استخدام هذه الأقواس، وتأملوا ما يلي من ديوان جوته الصادر عن دار الجمل، وفوق كل مقتطف رقم الصفحة الوارد فيها
175
أَنصت واحفظ (في ذاكرتك) قصص العشاق الستة
في ذاكرتك إذن وليس في أي مكان آخر 176
وعذوبة نزوات العشق بين سليمان (وبلقيس) السمرا
وهذه سرقة واضحة من مكاوي، فقد كان ينبغي أن يخرج الواو من قوسيه إلا إذا كان جوته يقصد سليمان السمرا [يا سمرا شغلني هواكي] وهذا احتمال [لكنني] أستبعده
178
مع ملاحظة أن 177 فيها أقواسها العجيبة أيضا
أعطتني نفسها وهي تفر
وأسرتني (في أغلالها) طول العمر
واضح جدا أن ما بين القوسين هنا يؤكد المعنى ويوضحه
***
هذا ومعروف أن البحر ممتلئ بالخيرات، وذلك لأن كل الناس مثلي تفعل الخير ولا تجد أحط من البحر لتلقيه فيه
وإني داع فأمنوا: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين، وهذا دعاء يتبين أحبه